iqraaPostsStyle6/recent/3/{"cat":false}

المدرسة والأسرة ودروهما في التنشئة الاجتماعية للطفل

الكاتب: Adminتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق
نبذة عن المقال: المدرسة والأسرة ودروهما في التنشئة الاجتماعية للطفل
المدرسة والأسرة ودروهما في التنشئة الاجتماعية للطفل

المدرسة والأسرة ودروهما في التنشئة الاجتماعية للطفل


مقدمة

كثير ما نرى أطفالا ولدى زيارة شخص غريب للمنزل ،يبدون درجة عالية من التقبل الاجتماعي والقدرة على التكيف وحسن التعامل،والمهارة في الحديث مع الكبار من خلال لغة تدل على درجة عالية من الاجتماعية مع الآخرين..!!وبنفس المظاهر الاجتماعية المختلفة نجد هناك بعض الأطفال الذين لا يرغبون في التعامل مع الآخرين وحب التفرد والوحدة والهدوء ،والميل الخاص للخصوصية الاجتماعية ،وجميع ما يتقدم بعكس صورة العلاقة الأسرية ونمط التربية والتنشئة الاجتماعية سواء في البيت او الروضة او المدرسة او جماعات اللعب والاقران. 

ومع التطورات السريعة في العالم الآن وخروج كثير من الأمهات الى ميادين العمل ،فقط أصبح الطفل يقضي وقت ليس قصير مع الخادمة او المربية الأجنبية، او في الروضة او الحضانة ،ومن بعدها ينتقل إلى عالم المدرسة .

فهل لنا ان ندرك مدى خطورة واهمية وحساسية هذه المرحلة من حياة الطفل والتي تشكل فيها الشخصية،ومدى التوافق بين التوقعات والطموحات لدى الاسرة والمجتمع ،ان الشعور بالامن والاستقرار قضية حيوية وهامة في حياة الطفل بهذه المرحلة،الأمر الذي يترتب عليه المتابعة والاهتمام المستمرين للطفل سواء داخل المنزل او خارجه،والذي يتطلب تعاونا واضحا وايجابيا ما بين الآباء والمربين والمعلمين .

وحتى يبقى الطفل قريب من واقعه الاجتماعي ،ينبغي الحرص على التمييز بين الواقع والخيال ،حيث ان وسائل الإعلام والأدوات الحديثة للتواصل الاجتماعي ،تدخل في عالم وحياة الطفل دون استئذان مسبق،فتفضيل البرامج والعلاقات الزوجية الدافئة تعكس جو الطمأنينة والاستقرار والامن في حياة الطفل،وييدو أن هذه المعايير من التوافق في التربية الاسرية والتربية المدرسية في الحضانة والمدرسة ضرورية جدا بحيث يظهر التوافق والانسجام. 

تعد رعاية الأمم لأطفالها وتوجيه نموهم نحو الأهداف التربوية المرسومة مقياسًا مهمًا لتقدمها ورقيها الحضاري والثقافي، وإن العناية بهم وتربيتهم وتعليمهم واجب أساسي لكل مجتمع يتطلع نحو النهوض والتقدم.

إذ إن مرحلة الطفولة المبكرة من حياة الإنسان لها بالغ الأهمية، فالمخ ينمو في تلك المرحلة بمعدل أعلى من نمو أي جزء آخر في الجسم، وقد أكد العلماء أهمية السنوات الأولي من عمر الطفل بقولهم: «إن الخبرات والتجارب التي يمر بها الفرد في سنواته الأولي يمكن أن تغير بالكامل المسار أو الوضع الذي سيأخذه في حياته لاحقًا، والتحاق الطفل بالمدرسة يوفر له بيئة ملائمة لحاجاته وخصائصه من حيث أسلوب التعامل معه، أو ما يقدم له من خبرات ومهارات».

وفى دراسة بعنوان: «دور المدرسة في تنشئة الطفل الاجتماعية»، لـ أ. د. عبد الرحمن الهاشمي، و د. فائزة محمد العزاوي، الأستاذين بجامعة عمان العربية للدراسات العليا، يريا أن المدرسة تسهم في إنجاح التنشئة الاجتماعية للطفل، ولها دور كبير في تثقيف الطفل وتربيته، ويزداد هذا الدور أهمية في المجتمعات النامية، إذ أن المهمة التي تلقي على عاتق المدرسة تكون أشد حيوية، فهي مؤسسة نظامية تستطيع أن تسد العجز في ضآلة الثقافة التي قد تعاني منها الأسرة في ظلال المعرفة المحدودة لديها في عصر تدفق المعلومات، أو في ضحالة ما تقدمه للطفل من معرفة وثقافة، نتيجة انشغالها عنه لأسباب عدة، ومن هنا يتضاعف الدور الذي يلقى على عاتق المدرسة، إذ عليها أن تسد هذا العجز بما تقدمه من معارف وخبرات منوعة ومنظمة، كل ذلك يكون وفق فلسفة محدودة تتمشى مع فلسفة الدولة وأهدافها، ومع متطلبات العصر الحديث، وأن تلبي المناهج الدراسية حاجات الطفل المعرفية والثقافية.


الأهمية التربوية للمدرسة

أنها بيئة تربوية مبسطة؛ إذ ترى المدرسة لزامًا عليها أن تبسط ما في المجتمع حتى يستطيع التلميذ فهمه وتقبله حتى أعمارهم ومراحل نموهم من خلال الأسلوب التدريجي أو التسلسل المنطقي.
أنها بيئة تربوية متزنة متنوعة؛ فتحاول أن توجد نوعًا من التقارب بين مختلف التلاميذ ذوي المستويات الاجتماعية والثقافية والخلقية المختلفة وتحاول أن تقرب بين أنماط سلوكهم لأجل تحقيق وحدة الأفراد.
أنها بيئة تربوية متبدلة فالتلاميذ والمعلمون والإداريون متبدلون.

إن عملية التنشئة الاجتماعية عملية يتم فيها إخضاع الفرد لقيم المجتمع؛ لذا فالوليد البشري يجب أن يكسب قدرًا هائلًا من المعارف والمهارات التقليدية، ويجب أن يتعلم إخضاع نزعاته الغريزية للنظم والقواعد التي حددتها ثقافته؛ وذلك قبل أن يتبوأ مكانه كعضو بالغ في مجتمعه.

ما مفهوم التنشئة الاجتماعية وخصائصها؟


التنشئة الاجتماعية عملية تربية وتعليم هدفها تشكيل شخصية الفرد من جميع الجوانب سواء الروحية العقلية الجسمية، أو المعرفية أو السلوكية ونحوها وفقًا لمعتقدات المجتمع وعاداته وتقاليده وأعرافه ونظم تفكيره.

إن التنشئة الاجتماعية عملية إنسانية واجتماعية، يكتسب فيها الفرد تجارب الحياة من خلال طبيعته الإنسانية غير الفطرية والتي تنمو من خلال الموقف عندما يشارك الآخرين، فهي تهدف إلى تحويل ذلك الطفل إلى عضو فاعل قادر على القيام بأدواره الاجتماعية متمثلًا للمعايير والقيم والتوجهات، والمدرسة كمؤسسة اجتماعية أوجدها المجتمع تؤدي دورًا رئيسًا في عملية التنشئة حيث تتدخل لتؤثر في الطفل وتوجه حياته وتشكلها في مراحلها المبكرة وتشترك مع المؤسسات الاجتماعية الأخرى في تشكيل قيم الطفل ومعتقداته وسلوكه بحيث يتجه نحو النمط المرغوب فيه دينيًا وخلقيًا واجتماعيًا.

ومن خصائص التنشئة الاجتماعية أنها:
عملية اجتماعية قائمة على التفاعل المتبادل بينها وبين مكونات البناء الاجتماعي كما إنها تختلف من بناء اجتماعي اقتصادي لآخر، وتمتاز بأنها عملية مستمرة حيث أن المشاركة المستمرة في مواقف جديدة تتطلب تنشئة مستمرة يقوم بها الفرد بنفسه ولنفسه حيث يتمكن من مقابلة المتطلبات الجديدة للتفاعل وعملياته التي لا نهاية لها.
عملية إنسانية واجتماعية حيث يكتسب الفرد من خلالها طبيعته الإنسانية التي لا تولد معه ولكنها تنمو من خلال الموقف عندما يشارك الآخرين تجارب الحياة.
تهدف إلى تحويل ذلك الطفل إلى عضو فاعل قادر على القيام بأدواره الاجتماعية متمثلا للمعايير والقيم والتوجهات، وهناك كثير من المؤسسات التي تلعب دورًا رئيسًا في عملية التنشئة: كالأسرة والمدرسة وجماعة الرفاق وأماكن القيادة والنوادي، ووسائل الأعلام، والوسائط الثقافية المسموعة والمكتوبة والمرئية كلها وسائط حتمية ومفروضة لعملية التنشئة، وهي تتداخل لتؤهل الطفل وتوجه حياته وتشكلها في مراحلها المبكرة وعلى الرغم من اختلاف تلك المؤسسات في أدوارها إلا أنها تشترك جميعًا في تشكيل قيم الطفل ومعتقداته وسلوكه بحيث ينمو نحو النمط المرغوب فيه دينيًا وخلقيًا واجتماعيًا.
إن هذه المؤسسات لا يقتصر دورها على المراحل المبكرة من عمر الطفل ولكنها تستمر في ممارسة تدخلها فترة طويلة من الزمن وأهمها بالطبع الأسرة والمدرسة.


ما العوامل المؤثرة في التنشئة الاجتماعية؟


بما أن الفرد لا يمكن أن يعيش بمفرده، أو بمعزل عن المجتمع، وبما أنه يولد ثم ينمو ويتطور بيولوجيًا واجتماعيًا، فإن هناك أساليب استكمال اجتماعية الفرد وإنسانيته، وذلك عن طريق أنظمة سائدة داخل المجتمع لها طرقها الخاصة في الأدماج، أو الاقتصاد مستعمله أنماطًا خاصة في جعل الفرد يسير وفق المعايير المجتمعية كضغوط العقاب أو الثواب أو التعلم .... إلخ. ومن المؤسسات الاجتماعية المؤثرة في التنشئة الاجتماعية هي:

1- الأسرة:


هي أهم النظم والمؤسسات الاجتماعية وأقدمها باعتبار أن كل عضو فيها له مركز وله دور وهي عالمية أي موجودة في كل المجتمعات الإنسانية، وهي تعكس صفات المجتمع بل إنها نموذج مصغر للمجتمع ذاته، والأسرة تتلقى قيمها ومعاييرها من مؤسسات المجتمع.

والأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي يتلقي فيها الطفل مبادئ التربية الاجتماعية والسلوك وآداب المحافظة على الحقوق والواجبات، هذا فضلًا عن أن ما بها من عادات و تقاليد تربط أفراد الأسرة بعضهم ببعض، ثم تربطهم بالمجتمع الذي يعيشون فيه، فهي تشكل أول مكان تبدأ فيه التربية من أي نوع، وهي تشكل حلقة الوصل بين الوجدان والفكر كما تمثل المكان الذي تلقن فيه القيم وموازين الحكم، وهي أداة لنقل الثقافة، وتختار من الثقافة ما تراه مهما حيث تقوم بتفسيره وإصدار الأحكام عليه مما يؤدي إلى التأثير على اتجاهات الطفل لعدد كبير من السنين وتقوم الأسرة بمهمة التطبع الاجتماعي socialization فتصبغ سلوك الطفل بصبغة اجتماعية.

إن الطفل في جميع أحواله يعكس مشاعر أسرته ومدى ثقة أفرادها في أنفسهم، فما نشأ عليه المرء واكتسبه من اتجاهات في طفولته، إنما يرتسم على طول حياته، لأن الخبرات التي يمر بها خلال طفولته تظل منقوشة على سلوكه وعلى وجهه وتبتدئ في حركته وفي نظرته، وفي مناحي سلوكه وعلاقته بالآخرين، ونوعية العلاقات في الأسرة تختلف من أسرة لأخرى، فعلى مستوى الأسلوب الانفعالي واتجاهات أعضاء الأسرة نحو بعضهم فبعض الأسر تتسم بالدفء الانفعالي، والبعض الآخر يتسم بالبرود.

2- الشارع:


يعد الشارع فضاءً شاسعًا لتفاعلات الأفراد؛ لأنه يشكل المجال الحركي الانفعالي والثقافي والاجتماعي والنفسي الذي يتم فيه عملية التنشئة ضمن علاقة الفرد بجماعات مختلفة تؤثر فيه ويتفاعل معها كالأصدقاء والأقران .... الخ.

ويتجلى تأثير الشارع في التنشئة الاجتماعية لدى الطفل فيما يأتي: التفاعل، التواصل، التبادل. كلها عناصر تدمج الطفل في نمط ثقافي واقتصادي معين وعلى سبيل المثال: التنشئة الاجتماعية لأطفال الأحياء الشعبية ليست هي نفسها تنشئة أطفال الأحياء المتعلمة لسبب أساسي هو أن طبيعة العلاقات في الشارع «التواصل– التبادل– التفاعل» تطبع كل فرد بطباع جماعته.

3- المدرسة:


هي تكمل ما بدأته الأسرة بل أصبحت تمتلك مقومات لتؤدي وظائف قد تعجز عنها بعض المؤسسات الاجتماعية، بل ولا تملكها، ومن أجله كان للمدرسة دور لا يقل أهمية في التنشئة الاجتماعية عن دور الأسرة أو المؤسسات الدينية أو وسائل الإعلام وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة والمتعددة ونحوها.

4- وسائل الإعلام:


وتتم عملية التنشئة الاجتماعية من خلال عدة وسائل من بينها الوسائل السمعية والبصرية الآتية:
التلفزة: وهي وسيلة من وسائل الإعلام المباشرة المؤثرة في نفسية الفرد في انتشارها الواسع في جميع الأوساط أكثر من غيرها، وقد تكون سلبية أو إيجابية على التنشئة الاجتماعية للفرد.
الفيديو والسينما: وهي من العوامل الحديثة المؤثرة في التنشئة الاجتماعية إذ إن هناك أشرطة تناسب ميولات الأطفال ونزعتهم الاجتماعية والنفسية.
الوسائل المقروءة: يمكن أن تحدث نوعًا من التباعد بين كل ما هو مقروء الذي يحدث نتيجة التفاعل بين القارئ والمقروء والذي يختلف باختلاف خليفة القارئ وثقافته وخبرته ونوعية النص المقروء.
المخيمات الصيفية: المخيم فضاء تلقن فيه بعض المبادئ الأولية لأطر مختصة وبرامج مدرسية من أجل تحقيق أهداف ثقافية وتربوية، ويمكننا أن نصف التنشئة الاجتماعية داخل المخيم بتلك العلاقات القائمة داخل الفرقة أو الجماعة المخيمة حيث تنشأ تفاعلات بين الأفراد، كما أن المحمول الثقافي والاجتماعي لبرنامج المخيم والتصور البيداغوجي الذي يبنى عليه لا بد أن يحقق بالضرورة هدفًا اجتماعيًا معينا ضمن أهداف واعية، مع نسيان العلاقة التي تتم بين المرشد بصفته راشدًا والطفل الذي يُمَارَس عليه العملية التنشيطية بطرق مختلفة.


ما دور المدرسة في تنشئة الطفل الاجتماعية؟


يأتي الطفل إلى المدرسة ولديه شخصية تشكلت في الأسرة من خلال معايير معينة وقيم واتجاهات خاصة يصبح في موقف جديد ويتطلب هذا أن يتعرف على شخصيات متعدده فيحدث تفاعل اجتماعي داخل المدرسة قائم على الأخذ والعطاء ومن خلال ذلك يزيد الطالب من تجاربه الاجتماعية وتتسع وتتنوع دائرة اتصالاته.

فالمدرسة لها سلطة تنظيم خاصة بها فتتكون تلك التفاعلات وفق أسس وضوابط محددة كاحترام قيمة واحترام تفكيره مما ينتج عنه مساواة وثبات في التعامل. وهي المؤسسة الاجتماعية التي أنشأها المجتمع لتقابل حاجة من حاجاته الأساسية، وهي تطبع أفراده تطبيعًا وتكشف ميولهم واستعداداتهم وتستثمرها وتعد كل فرد للمهنة التي تناسبه وأصبحت ترسم الخطط لتلاميذها ليتعلموا الاعتماد على النفس من سن مبكرة، كما أصبحت نقطة الإلتقاء للعلاقات العديدة والمتداخلة، ولذا أصبحت قوة اجتماعية موجهه تعمل على بناء الشخصية السوية وإكساب التلميذ الخبرات التي تهيئة لمواجهة تحديات الحياة الاجتماعية.

وبهذا تعد المدرسة الوكالة الاجتماعية الثانية بعد الأسرة للقيام بوظيفة التنشئة الاجتماعية للأطفال والأجيال الشابة، إذ تقوم بإعدادهم من جميع النواحي الروحية والمعرفية والسلوكية والبدنية والأخلاقية المهنية، كل ذلك من أجل أن تحقق للأفراد اكتساب عضوية المجتمع والمساهمة في نشاطات الحياة الاجتماعية المختلفة، لكن لا يمكن الاقتصار على ما تقدمه المدرسة فالمسؤولية اجتماعية تقع على المجتمع والوالدين والمربين والدولة ومؤسساتها. والمدرسة مؤسسة اجتماعية أوجدها المجتمع لها دور رئيس في عملية التنشئة الاجتماعية للطفل الذي يأتي للمدرسة. ولديه شخصية تشكلت في الأسرة من خلال معايير معينة وقيم واتجاهات خاصة، فيصبح في موقف جديد ويتطلب هذا أن يتعرف على شخصيات متعددة فيحدث تفاعل اجتماعي داخل المدرسة قائم على الأخذ والعطاء وبذلك يزيد الطفل من تجاربه الاجتماعية وتتسع وتتنوع دائرة اتصالاته.

ومما يبدو للبعض أن ولوج الطفل المدرسة هو قطيعة مع التنشئة الأسرية بمبرر أن الطفل في هذه المرحلة يصبح لديه نوع من الاستقلال الاجتماعي عن أسرته، لكن هذا ليس صحيحًا؛ لأن المدرسة ما هي إلا حلقة ضمن سلسلة مؤثرات ومشكلات نمط التنشئة الاجتماعية وتحدد وسائلها داخل المدرسة من عملية التعلم والتعلم. وفي التفاعل مع مجموعة جديدة هي مجموعة المدرسة، ثم مجموعة الفصل، ولا ننسى العوامل الجزئية المدرسية الفاعلة في التنشئة كعلاقة المربي بالطفل وطبيعة هذه العلاقة ضمن مشروع نموذجي مستلهم من البرامج والمقررات الضابطة لفلسفة المجتمع والمترجمة في النهاية لغاياته العليا، كما أن النظام السائد في المدرسة من زمان ومكان وتوزيع الفضاء واقتسام الأدوار وبروز تراكمات داخل القسم كلها تساهم في رسم الشخصية الاجتماعية للطفل الرسمية وغير الرسمية؛ لأن تحسين أوضاع المتعلم تقتضي التنسيق والتكامل بين جميع المؤسسات ذات العلاقة.

مع وضع مصالح المتعلم في رأس الأولويات؛ لأن المتعلمين الذين سنهتم بهم اليوم هم ورثة المستقبل فلا بد من توفير عناصر البقاء والنماء والحماية لهم وبذلك نكون عن الأقل قد مهدنا الطريق لبناء مجتمع المستقبل.

ما أساليب المدرسة لتنشئة الطفل اجتماعيًا؟


من أهم العمليات التي تقوم بها المدارس للتنشئة الاجتماعية وتطبيع أفراده تطبيعًا اجتماعيًا حتى يكونوا أعضاء صالحين، ويساهمون في خدمة المجتمع والعمل على تقدمه وتطوره المستمر، وذلك للحفاظ على وجوده وثقافته وحتى نتعرف أكثر على هذا الدور الكبير للمدرسة فلا بد أن تتوافر لها أركان أساسية وتتمثل في: المعلم، المادة المقدمة للطفل، طريقة توصيلها له، أنماط السلوك المتوافرة في البيئة المدرسية، متابعة ومواجهة مشكلات التلاميذ والتعليم الوزاري.

إن نجاح العمليات التعليمية مرتبط بوضوح الهدف وتحديده وإعداد الخطط والبرامج لتحقيق ذلك الهدف.

المعلم (المربي)


المعلم هو الركن الأساس للمدرسة الفعالة، فهو المصدر الذي يعتبره الأطفال نموذجًا يستمدون منه النواحي الثقافية والخلفية التي تساعدهم على أن يسلكوا سلوكًا سويًا، مما يكون له بالغ الأثر في نجاحهم لتلقي العمل بجهد أقل ووقت أوفر، ومن هنا تكمن أهمية إعداد المعلم إعدادًا تربويًا ونفسيًا ليكون على دراية ومعرفة كاملة بخصائص النمو ومدرك لسلوك التلاميذ في كل مرحلة من مراحل النمو بحيث يميز ما بين السلوك الطبيعي وغير الطبيعي للمتعلمين، فيقدم لهم المعرفة بطريقة تتناسب مع قدراتهم واستعداداتهم وميولهم متفطنًا إلى ضرورة إثارة الدافعية والتنافس بين التلاميذ، فإذا كان المعلم بهذه الصفات يكتسب ثقة التلاميذ وحبهم له، فيسهل عليهم التأثر به، وتقبل مما يقوله ويفعله بل قد يتخذونه قدوة يقتدون بها في التصرفات والسلوك وهذا قد لا يتحقق إلا بتأهل مستمر للمعلم حتى يستطيع متابعة التغيرات السريعة.

المادة المقدمة للطفل


تعد المادة المقدمة للطفل الركن الأساس الثاني، إذ يستطيع الطفل أن يستفيد من المادة المقدمة له إذا كانت تشبع حاجاته وفي مستوى نضجه العقلي والعكس بالعكس، كما أن الأطفال يستطيعون أن يتعلموا بطريقة أكثر سهولة إذا كانت المادة المقدمة لهم تقع في مجال اهتمامهم، ومعنى ذلك أن يكون تقديم الخبرات للطفل مستندًا إلى تحديد علمي دقيق للوقت المناسب، وهذا يتطلب من واضعي المناهج والمقررات الدراسية معرفة كاملة باستعدادات الطفل وتهيئته للتعلم ومعرفة ظروف البيئة التي يعيش فيها وأفضل الطرق التي يمكن استخدامها لتعليمه وتثقيفه.

الطريقة التي تقدم بها المعلومات للتلاميذ


وهي ركن مهم من أركان المدرسة الفعالة يكمن في الطريقة التي تقدم بها المعلومات (طريقة التدريس) وهي الأسلوب الذي يتبعه المعلم في توصيل المعلومة للتلاميذ، واستخدامه الجيد للوسائل التعليمية المختلفة، فيجب أن تعتمد طريقة التدريس على أنشطة مختلفة تثير الطفل وتنمي ثقافته والابتعاد عن الرتابة التي تدعوه إلى الملل والسرحان، كما يجب على المعلم أن يهيئ الأذهان لما يريد أن يقدم من معلومات، لأن عملية التعلم مشروطة بالاستعداد للتعلم مع بيان الهدف من كل درس محاولًا ربط المعلومات النظرية بواقع حياة الطفل قدر الإمكان، كما يجب أن ينمي المعلم ثقة الطفل بنفسه، وإيمانه بذكائه ومقدرته على التعلم، وتنمية ثقة التلميذ في نفسه من أهم عناصر العملية التعليمية وحقوقه التربوية، لأن الإنسان بطبيعته مبنيٌ على مجموعة من المعنويات، إذا رفعت زادت إنتاجيته وقدرته على التعلم والعطاء، وعن طريق غرس الثقة في النفس تقوى لديه الشجاعة الأدبية التي نفتقدها في أغلب أطفالنا.

متابعة ومواجهة مشكلات التلاميذ


ركن مهم في المدرسة الحديثة الفعالة يكمن في الاهتمام بمشكلات التلاميذ، وتسعى إلى حلها بأساليب تربوية عن طريق الأخصائي الاجتماعي أو النفسي، فقد يعاني التلميذ من مشكلات ناجمة عن عدم إشباع حاجته النفسية، والتي تتخذ صورًا عدة مثل: عدم القدرة على التكيف والكذب والسرقة واللامبالاة أو الغش ... الخ.

وكل ذلك ينتج عنه أسباب دفاعية أو تعويضية، فتسعى المدرسة الفعالة بما تملك من إمكانيات إلى مواجهة هذه المشكلات بمعرفة الأسباب المؤدية إلى ذلك، ومحاولة وضع حلول بما يتوافر للمدرسة من مشرفين اجتماعيين وأخصائيين نفسيين، لآن القليل من الاهتمام بالطفل اليوم يكفينا شر متاعب كثيرة في المستقبل، وذلك لسبب بسيط وهو أن رعاية الطفل في الحاضر دائمًا أسهل من إصلاح انحرافه في المستقبل، ونجاح الطفل غدًا مرهون بما نقدمه له اليوم، والتعليم دائمًا أقل تكلفة من الجهل.

التعليم الموازي:


على المدرسة أن تقدم للطفل خبرات وأنشطة مختلفة وأن تقدم المعرفة من خلال المتعة، إذ بالإمكان تهيئة خبرات جديدة للطفل ومحببة لنفسه في مجالات عديدة، وهو ما يطلق عليه (التعليم الموازي). إن الاهتمام بالنشاط المدرسي والتربية المساندة مثل التربية المسرحية لإكساب الشجاعة الأدبية والتربية الموسيقية لتنمية الذوق والتربية الفنية لتنمية الإحساس بالشكل واللون والجمال وأن يهتم بالأنشطة والمسابقات والرحلات الترفيهية والتربوية والتعامل مع الحاسوب وشبكة المعلومات، واكتشاف المواهب في المجالات المختلفة والاهتمام بها وتشجيعها، حتى لا تخلق شخصية ذات قطب واحد أكاديمي فقط، ونهمل القطب الآخر، وبالتالي من الممكن أن نخلق إنسانًا متخصصًا في علم من العلوم، ولكنه ضعيف في جوانب أخرى من شخصيته، إذ نجده أحيانًا يجهل حتى أبجديات التعامل.


ما التحديات التي تواجه المدرسة في تنشئة الطفل الاجتماعية؟


هناك تحديات كثيرة تواجه المؤسسات التربوية ومنها المدرسة وتؤثر في التنشئة الاجتماعية للطفل ليكون مواطنًا صالحًا مفكرًا مخلصًا يحمل ثقافة المجتمع وقيمه والاعتزاز بماضيه وصورة مستقبله ومن هذه التحديات:

العولمة


يشير هذا المفهوم إلى أن المعلومات بدأت اقتصاديًا ثم سياسيًا فثقافيًا ويساندها في الجانب الأخير- الثقافي- أمران:

الأول: النجاح على المسار الاقتصادي والسياسي، والثاني: ما توافر لها من مقومات تجعلها خطرًا على ثقافتنا عامة والتنشئة الاجتماعية لأجيالنا.

لقد توافرت للأيدلوجيات التي تنطوي عليها العولمة جملة من المقومات ساعدت على انتشار أفكارها، وضمنت لمفاهيمها وسلوكياتها الوصول إلى مجتمعات العالم أجمع بغض النظر عن مدى اتساق هذه المفاهيم والقيم مع طبائع المجتمعات ومنطلقاتها وغاياتها مما جعلها تمثل تحديًا حقيقيًا للقطاع العريض من الناس والشعوب بمختلف فئاتها العمرية، كما تمثل خطرًا على تشكيل الوعي وصياغة الشخصية من الناحية الثقافية العامة باعتبارها إطارًا للأخلاق وطريقة للتفكير.

تقدم نظم الاتصال


لا سيما بعد استخدام البصرية منها في منظومات الاتصال التي ساعدت على نقل المعلومات بكثافة عالية وبسرعة الضوء فضلًا عن الأقمار الصناعية التي أدت إلى زيادة الكمية والنوعية في نقل المعلومات مما يؤدي إلى تغييرات جوهرية في مفاهيم التنشئة والتعليم والتدريب، وتحتم وجود نماذج تقافية، أخلاقية يمكن من خلالها التعامل مع معطيات ثورة الاتصالات وفي الوقت نفسه الحفاظ على الهوية.

إن الحاسبات التي تم توظيفها في مجالات عديدة تجاوزت تخزين المعلومات إلى التنبؤ بنتائج التجارب العلمية وتحليل المظاهر العلمية كما ساعدت على انتشار كثيف لأنواع من المعارف يصعب إحصاء كم ونوع تلك المعارف.

شبكة الإنترنت


نظرًا للنقص الكمي والتدني الكيفي في نوعية المواقع المؤسسية التي تعني بتقديم برامج ثقافية وترفيهية وتربوية وأخلاقية للنشيء العربي وفق استراتيجية واضحة مبنية على تخطيط لاحتياجاتهم الفعلية من ناحية، وتحليل مضمون ما تقدمه المواقع الأخرى البديلة من ناحية أخرى، نظرًا لذلك فإن النشء ينخرط فيها بحكم عدم اكتمال النضج وخصائص مراحله النمائية وطبيعة محتوى وشكل تلك المواقع المحملة بحمولة ثقافية وأخلاقية تحتاج إلى العديد من الدراسات التحليلية لمكنونها ومدلولها ومضامينها التربوية الأخلاقية ومدى تأثيرها.

الأدبيات المترجمة


وهي التي تمتلئ بها الساحة العربية والإسلامية، وتجتذب القصص المترجمة خاصة فئات كثيرة، ونظرًا لجاذبيتها ومواءمتها في صورتها وشكلها الأدبي لطبيعة خيال النشء تؤتي ثمارها بشكل سريع وتجعل مضمونها من الأفكار والقيم يسري في كيانهم من خلال رموزها وأبطالها وموقفهم من دون أوامر مباشرة أو تلقٍ خطابي صريح، ويأتي ذلك في إطار مقومات العولمة التي سهلت تدفق الأفكار المعلومات كما سهلت تدفق البضائع.

كما تنتشر في العديد من المجتمعات العربية والإسلامية وسائل كثيرة أخرى تعد من أبرز المقومات المعاصرة في التأثير الثقافي والأخلاقي مثل:
أساليب الاستضافة للشباب المسلم في المجتمعات الأوربية والأمريكية.
استغلال المساعدات الاقتصادية في مجالات التعليم والثقافة والإعلام.
استغلال المدارس والجامعات الأجنبية.

توصيات
اهتمام الجهات التربوية المختصة بالطفل وثقافته وألا تهتم بالتعليم الرسمي فقط بل عليها أن تهتم أيضًا بالتعليم الموازي الذي يشكل وينمي ثقافة الطفل حتى نخلق شيئًا من التوازن بين ثقافة الفرد وتعليمه.
الأخذ بالآراء التربوية المعاصرة في التعامل مع الطفل التي تحترم إلى حد كبير حقوقه وتحفظ كرامته.
الاهتمام بالتعليم الموازي للتعليم الرسمي لأن الاهتمام بجانب واحد يخلق شخصية ذات قطب واحد فقط أي من الممكن أن يتقن تخصصه الأكاديمي ولكن نجده يفتقد حتى القدرة على التعامل مع الآخرين، وأن المرونة والقدرة على التعامل كفريق أمر مهم جدًا في المؤسسات المختلفة، وهذا ما نفتقده.
الاهتمام بإعداد المعلم وتحفيزه لكي يكون قادرًا على إيصال المعلومة والتفاعل مع التلميذ بشكل يضمن تحقيق العملية التعليمية.
الاهتمام بالوسائل السمعية والبصرية حتى يسهل على المعلم إيصال المعلومة بطريقة أسرع وجهد أوفر.
تأكيد حقوق الطفل ومحاولة الزيادة في اختيارات التلميذ داخل المدرسة حتى يشعر بنوع من الاستقلالية، وتتضح صورته الحقيقية.
تفعيل البرامج والأساليب التي من شأنها زرع الثقة في نفس الطفل لأنها أساسية وضرورية في تطوير شخصية، وتساعد في نمو معرفته وثقافته.
الممارسات وربطها بما يتم تعليمه من خلال جماعات مدرسية تقوم بأنشطة تحقق الهدف الأخلاقي.
التنشئة الأخلاقية تربية وليست تعليمًا، فلا يكفي مجرد الحفظ والتلقين للجانب المعرفي الأخلاقي وإنما بتحويلها إلى مواصفات أبقى أثرًا في شخصية النشء طيلة حياته.
ربط القيم الأخلاقية بمفردات واقع النشء داخل وخارج المدرسة من خلال أمثلة واقعية ترتبط بالمحيط البيئي ليتعلم النشء متى وأين يطبق تلك المعارف النظرية.
ابتكار أنشطة تحقق اندماج الطفل في عمل جماعي يظهر من خلال التفاعل مواطن النقص والقصور لمعالجتها وتوجيهها.

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

790431725383895591

البحث