الدخول المدرسي والعودة إلى قواعد العمل

سبتمبر 08, 2014 سبتمبر 08, 2014
-A A +A
تعليم بريس :
موسم الدخول المدرسي عاد ، وبأية حالة عاد ... بما مضى أم في الأمر تجديد، فالعودة حاصلة ، ولكن هي عودة ليس كمثيلاتها بالمرة . فهل نحن هرمنا وامتلكتنا الحمية حتى في إنجاز العمل ؟ أم أن المؤسسة المدرسية ضربت عليها العنكبوت بنسجها وقضى عليها الخلاف السياسي و المذهبي ؟  أم أن التلميذ يجر كرها إلى المدرسة ، و بها يفجر مكبوتاته العنيفة ؟
فإذا كنا محل باحثي الإحصاء وطرحنا سؤالا عن موسم العودة إلى العمل " التربوي /الإداري " هل هو اختياري أم إجباري ؟ إنه الأمر الذي لا نستطيع توقع جواب قارعنه . ويجعل من إحصاء " الحليمي " نفعه غير مجد .
قد نختلف في الإجابة عليه ، لكننا  نلتقي عند بوابة البحث عن لائحة العطل عند وضع توقيعاتنا على محاضر الدخول . لما نسعى إلى البحث عن أيام الراحة ولا نكلف أنفسنا بتعداد أيام العمل ؟ نستوثق الأمر من ذواتنا جميعا بالدوام أن حياتنا يستوطنها الاستخفاف والتكاسل في معالجة الأمور الاجتماعية الوطنية ، فنحن نشتغل بمبدأ الارتجالية النفعية بالبحث الحثيث عن الكفاف اليومي في العمل و مبدأ قاعدة " سليك بلي كاين "  .وضع برنامج عمل، أو خطة استراتيجية  ،أو خارطة طريق للعمل هو الأمر الذي لا نتقيد به لأننا نمتلك التفكير اللحظي/الآني، فعقولنا تشتغل وفق مقاربة النحلة عندما تلثم الزهرة ورغم بقاء الرحيق بها تنتقل إلى زهرة أخرى إنه العقل - "المغربي " - بتفكيره المتقلب المزاج .
لم نستطع منذ الاستقلال وضع موضع قدم قار بالاشتغال ضمن منهجية التعاقد أو التدبير بالنتائج ، بل طغى علينا تدبير الزمن المدرسي الروتيني ، كتدبيرنا اليومي للورق بإدارة مؤسساتنا التعليمية العمومية...تجديد نفس الاشتغال وتعبئة ذواتنا بالإخلاص " لأجيال مستقبل الوطن "  لا يحتل فينا أي موقع ولا يغرينا البتة باشتعال أنفة العمل الوطنية فينا ، لأننا نبحث عن تسويغات تعفينا من المساءلة والمحاسبة تجاه أجيال المستقبل وأمام الوطن . إنها تبريرات نحفظها بطلاقة ،إنها اكراهات وضعية المؤسسات التعليمية ... إنها نووية الأسر المغربية ...  إنها الضغط الحياتي/الاقتصادي  ... واللائحة أطول مما نتصور. والتي يتم استدعاؤها بحجية واجبة الوجود عند كل لحظة لإماطة المسؤولية عن رقابنا وتعليقها بموضع ذوي الأعراف . كل هذا طوح بنا إلى الإرهاق التام حتى ونحن في رغد راحة من عطلة أطول ، بالله عليكم ، أية مفارقة هاته التي تلبسنا ، وتكبل تحركاتنا نحو الأفق المستقبلي للإصلاح التربوي ؟ .سحب نفس من سيجارة قاتلة أو من "شيشة " ، وبلفظ دخانها تخبو نار المعرفة عند المغاربة ويصير الفعل التعليمي تلويث لعقول الناشئة ، فالكثير منا يتكدس في المقاهي وغيرها الأسوأ  ، إنه الواقع البغيض الذي نعايشه إما فرادى أو جماعات أحببنا الأمر طواعية أوكرها بالإزاحة والانسياق على رقابنا كالقطيع المدجن ... ولكن ما هي البدائل الواجبة التنزيل لتسوية اختلالاتنا بتسمية الأزمة ؟
البحث عن البدائل يستوجب منا أولا وقفة تقويمية مع الذات " الحاضرة / الغائبة " ثم مع الآخر باختلافاته وخلافاته التافهة ...فإذا حصلت على نقطة جيدة في الإخلاص في عملي كأمانة دينية ووطنية ، فإنني أحصل أولا على الراحة النفسية والطمأنينة الكافية للترويح عن الذات والأسرة والشعور بالأمان النفسي / الأخلاقي وسط بلادي  ....أما إذا ما كان عملي هو في حده الأدنى السلبي بتجديد الحضور ، وتكميم الأفواه ، دون القيام بالواجب ، فهو الأمر الذي لا يحتاج إلى راحة أو تجديد النشاط ، فالعدمية تمتلكه وكفى ، وخبره معتل البنية ومبني للمجهول . وتجوز فيه الصلاة على الميت الغائب ، ويستحق كفن غريب بحكم الشرع وعرف المغاربة ...يكفينا من البحث عن المحفزات المادية فقط ... يكفينا من المطالب المثالية ...  فتعليمنا قد ادخل غرفة الإنعاش إثر سكتة قلبية قديمة قدم أزمة الأمية المعرفية بالمغرب ... يكفينا من خلافاتنا السياسية العقيمة والتي فرخت الأشباح والغربان في المنظومة التعليمية وجعلت التلوث يطفو على السطح ... يكفينا من التطاحن النقابي والعصيان المدني بالإضراب ، وفتح الدكاكين النقابية للمزايدات البغيضة التي لا خير فيها... يكفينا من سيف قرارات حكومية تقعدنا أمام السبورة السوداء بعد وصول سن التقاعد المتعاقد عليه قبل عملية الولوج إلى الوظيفة العمومية. 
إن التلميذ المغربي في حاجة إلى فتح أفواهنا داخل الفصول بالإفادة الخيرة والتعزيز الأخلاقي ...لا نجعل من الدولة هي ذلك المشجب القصير الذي نعلق عليه كل الإخفاقات المدرسية والاختلالات  ...إننا نتقاسم الكم الاخفاقي باتساعه عمقا ومساحة بالتساوي في المسؤولية...أقر أن المدرسة المغربية لا تجدد نفسها ، من تم تعودنا كموارد بشرية بالحقل التعليمي على لبس لباس التقادم حتى في الترقي ، فالزمن كاف لتسلق السلالم والرتب . وحتى نمط تلقين التعلمات بمدارسنا المغربية يسير سير السلحفاة ، وبالتكرار تمتلك الكفايات المستعرضة . فوسائل الاشتغال من العهد القديم ، والماضي قوته حاضرة ويتحكم فينا ويحكمنا ، ويوطن لنا معايير ومؤشرات المستقبل. فالقول بأن المدرسة العمومية تنتج الاتكالية العاطلة والمعطلة ، هو قول بأننا ننتج كل شيء إلا المواطنة الحقة.
الإقلاع التربوي مساره مستقيم ، لكننا نتعمد نحن -  خلق المنعرجات والمطبات القاتلة ، انه الفعل السياسي المذهبي البغيض الذي يتحكم في أي إصلاح . فأبناء الشعب مضغوطة بمكبس داخل فصول دراسية . والقيمين على المنظومة يشتغلون وفق مسطرة الأرقام والنسب ،والتلميذ عندهم ما هو إلا عدد يحتسب عند ولوجه المدرسة ويشطب عليه عند تسربه منها . إنها مفارقة التخطيط المغربي ذي المرجعية المالية  ...آه يا وطني شعبك سائر في طريق النكوص نحو الأمية ، ولما حتى القول بالجهل الخلافي . خوفي عليك يا وطني من أن يصبح تعليمك لا يسمن ولا يغني من جوع تفكيك رسم الحروف بشتى تنوعات اللغات المتداولة بالمدارس المغربية . ألمي عليك يا وطني أننا نجلس القرفصاء في انتظار قطار "غودو " الإصلاحي - بكذبة ابريل 2015-  الذي يأتي أو لا يأتي . حرقتي عليك يا وطني التامة أننا أدمنا العدمية والسلبية بموت الضمير العملي عندنا والوازع الديني فينا.فخري بك يا وطني انك تعرف الأسباب والمسببات بالتمام والكمال في أزمة و انزلا قات المنظومة التعليمية نحو الهاوية . لكنك لا تمتلك يا وطني أي مخطط يحمل قيم المواطنة ومؤشراته تتسع بالواقعية التامة وتردم هوة التعثرات التي تسكن المنظومة التربوية . وننعتق كليا من نسج عنكبوت خيوط الأزمة ...


ذ محسن الأكرمين : mohsineelak@gmail.com

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

للمزيد من الوثائق والموارد تابعونا على قناة ومجموعة تعليم بريس
القناة على الواتساب || https://bit.ly/3OTwonv
القناة على التلغرام || https://t.me/taalimpress
المجموعة على التلغرام || https://t.me/Taalimpress1
790431725383895591
https://www.taalimpress.info/