أيها الأساتذة وزير التربية يخاطبكم

أبريل 05, 2014 أبريل 05, 2014
-A A +A
تعليم بريس :
رشيد أخريبيش
أيها الأساتذة الكرام بعد أن وصل السيل الزبى، وبعد وأن توالت النكسات في بلدنا الحبيب ، وبعد أن وصل مستوى التعليم في بلدنا إلى الحضيض، لم أجد ما أبرر به ذلك الفشل الذي أرهق كاهلنا سوى أنتم ، نعم أنتم الذين كلفتم بأداء تلك الرسالة النبيلة ،حيث لا سبيل لدينا لإبراء ذمتنا سوى باتهامكم وإلقاء المسؤولية على عاتقكم ، لأننا لا يجوز أن نعلن نحن فشلنا في هذا القطاع ،لأن ذلك ليس من شيم أسلافنا المنعمين الذين دائما ما يبررون إخفاقاتهم إلى رجال ونساء التعليم ويحملونهم ما لا يستطيعون عليه صبرا ، فبما أننا قد وصلنا توا إلى هذه الوزارة الميمونة ،من الواجب علينا أن نعيد على مسامعكم تلك الأسطوانات أسوة بإخواننا الذين سبقونا إلى تلفيق التهم عسانا ننجو من غضبة من لا يريد لهذا القطاع أن يسير إلى الأمام ، انتهى كلام سعادة الوزير الذي لا ينطق عن الهوى.

بعد التصريحات التي أدلى بها السيد بلمختار وزير التربية الوطنية ،والتي كان قد اتهم فيها الأساتذة حيث أكد الوزير بلغة شديدة على أن ما نعيشه الآن من فشل في منظومتنا التعليمية سببه الأساتذة وكان قد خص بالذكر الأساتذة الذين كانوا قد خاضوا احتجاجات دفاعا عن حقوقهم المشروعة ،والأساتذة الذين لم يتلقوا تكوينا في خطوة منه لإلقاء اللوم على الأستاذ لوحده دون الحديث عن الأطراف الأخرى ، التي ربما لها النصيب الأكبر في كل ما وقع.

لغة وزير التربية التي تحمل في طياتها اتهاما مباشرا لرجال ونساء التعليم، هي متوقعة ولا تدعو للاستغراب مادام أننا تعودنا عليها من كل من تعاقب على وزارة التربية والذين يصلون إلى سدتها عبر الخطأ أو عبر المصالح الشخصية التي غالبا ما تضع مصلحة الأشخاص فوق كل اعتبار ، دون التفكير في مصلحة أبناء الشعب الذين أنهكتهم روايات هؤلاء الذين يحاولون إظهار أنفسهم في صفة الحمل الوديع البريء من كل ذنب .

كان على السيد الوزير قبل أن يفكر في إطلاق تلك التهم جزافا على الأستاذ، أن يكون صادقا مع نفسه ولو مرة في التاريخ ، ويعلن عن تلك الإخفاقات التي توالت على منظومتنا التعليمية، وأن يحاول إشراك في تلك التهم المسؤول الرئيس عن كل ما وقع وأن تكون لديه الجرأة ليعلن للمغاربة أن جميع الحكومات التي تعاقبت على حكمهم لديها قسط أوفر في هذا الفشل ، ولكن بما أن وزيرنا المبجل سائر في طريق سلفه ، وبما أنه جاء ليستكمل ما بدأه إخوانه في الفشل، فقد وجد في الأستاذ اللقمة السائغة التي تقيه شر ذلك الوضع المزري الذي سيبقى وصمة عار في جبين تلك الحكومات التي أظهرت عجزها عن القيام بدورها في النهوض بهذا القطاع الذي هو عماد تطور البلدان وتقدمها.

كلمة الوزير جاءت في سياق الحملة الممنهجة التي أعلنتها وزارة التربية الوطنية على الأستاذ ، والتي تتوخى منها إقناع المغاربة جميعا بأن ما تعرفه المنظومة التعليمية من إخفاقات ذريعة سببه الأستاذ ، صراحة لا نعلم بأي منطق يفكر سعادة الوزير عندما يرجع فشل قطاع التعليم إلى الأساتذة المحتجين ، فلنذكر الوزير المحترم أن الاحتجاجات كانت قد بدأت حديثا ولم تكن منذ الاستقلال لكي يتسنى لنا أن نعطيها كل هذا الاهتمام ،ونجعلها من الأسباب الرئيسة التي أعادت بقطاع التعليم إلى الوراء ، ثم إذا كان السبب الثاني والذي أدى بشكل مباشر إلى إفشال مسلسل النهوض بقطاع التعليم كما يقول الوزير وهو كارثة الأساتذة الذين لم يتلقوا تكوينا في المراكز المهنية فنحن بدورنا نطرح سؤالا على سيادة الوزير المحترم ومن معه ، من الذي فتح الباب لهؤلاء لولوج مهنة التعليم أليست الحكومة ؟ ولماذا نحمل غيرها ما اقترفت يداها ؟

بما أن السيد بلمختار قد وضع الأستاذ في قفص الإتهام وحمله مسؤولية فشل التعليم لوحده، لا بأس أن نذكر الوزير بإخفاقات أسلافه الذين كانت لهم اليد الكبرى في كل ماحدث في قطاع التعليم من فشل ، ولنؤكد لسيادته أن الأستاذ وإن كان يتحمل قسطا من المسؤولية في هذا المجال ،إلا أن هناك من يتحمل المسؤولية الأكبر في ذلك وهي الحكومة ،التي عودتنا على سياساتها العشواء تجاه هذا القطاع ، بمجرد تغيير الوزير يتم تغيير ما قد بدأه سلفه والأمثلة كثيرة في ذلك فما فعله السيد خشيشن هو نفسه ما فعله سلفه من تخريب للمنظومة التعليمية الحبيب المالكي الذي دشن لعصر الفشل بامتياز، وهو ما فعله السيد الوفا الرجل الحديدي الذي كنا نعتقد أنه يملك رؤية إصلاحية لقطاع التعليم ، ليكتشف في النهاية أن سياساته تلك هي امتداد لذلك التخريب الذي بدأته الحكومات السابقة ، فماذا عن بيداغوجية الإدماج التي تم صرف المليارات من الدولارات من أجلها ، ؟ ألم تصبح في خبر كان ؟وما مصير تلك المليارات التي خصصت له؟ ألم تكن مجرد لعبة اختارها عشاق التعويضات الخيالية لتحقيق مصالحهم الشخصية ؟ثم ما مصير مدرسة النجاح التي صدعوا بها رؤوس المغاربة جميعا والتي أريد من خلالها التغطية على مسلسل طويل من الإخفاقات التي أعادت بقطاع التعليم إلى الوراء ؟

ربما يظن سعادة الوزير أن بتلك الاتهامات سيكون قد أسقط عن نفسه مهمة النهوض بقطاع التعليم الذي أصبح على شفا الكارثة ،لكن الأيام أثبتت بجلاء تلك المسرحيات التي يراد من خلالها إلصاق التهم بالأستاذ ورفعها عن غيره من الأباطرة الذين أفسدوا حقل التعليم وجعلوه عرضة للنكسات التي لا تنتهي.

حكومة تليها حكومة، وبرامج تلغيها أخرى، وساسة يشرعون من السطح بعيدا عن واقع التعليم وعن هموم أبنائه، الذين غالبا ما يدفعون ثمن تلك السياسات التي تراعي فيهم إلا ولا ذمة ، فلا تغييرولا إصلاح إذا ما اتبعت هذه الحكومة نفس النهج الذي اتبعته الحكومات السابقة ، والذي لا وجود فيه لحسن نية لإصلاح التعليم ، فالتغيير يحتاج إلى نظرة شمولية يشترك فيها الجميع من أجل الخروج بورقة رابحة توصل قطاع التعليم إلى بر الأمان ، أما إعادة نفس السيناريوهات وإعادة نفس الاتهامات للأستاذ فلا نعتقد أنها ستغير شيئا على أرض الواقع، لأن التغيير الذي عودتنا عليه كل الحكومات والذي لا يتعدى التغيير في الوجوه والمخططات والبرامج التي أظهرت فشلها ،لن يكون الحل الأمثل للخروج من هذه الأزمة .

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

للمزيد من الوثائق والموارد تابعونا على قناة ومجموعة تعليم بريس
القناة على الواتساب || https://bit.ly/3OTwonv
القناة على التلغرام || https://t.me/taalimpress
المجموعة على التلغرام || https://t.me/Taalimpress1
790431725383895591
https://www.taalimpress.info/